الكلاسيكو, كل اسبانيا تختزل فيه

--------------------------------------------------------------------------------

السلام عليكم و اغلى تحية مني اليكم عشاق العملاقين برشلونة و مدريد. اقدم لكم اليوم موضوعا مبسطا عن تاريخ المواجهة بين الريال و البارسا. ليس تاريخا من فاز و من خسر فيكفينا مواضيع استفزازية في هذه الرابطة , الموضوع فقط عبارة عن معطيات تاريخية جعلت من هذه المواجهة قمة للكرة العالمية. لا الكاشيو و لا البريمرليج يستطيعون اعطاء مثل هذا اللقاء لان التاريخ يحكم على مواجهة مثلا بين الميلان و اليوفنتس بانها مواجهة كرة قدم فقط في حين ان الريال و البارسا ينضم اليهم التاريخ, الثقافة, الاقتصاد و الهوية القومية لتجعل من هذا اللقاء لقاءا ليس ككل اللقاءات, لتجعل من هذه المباراة كلاسيكو العالم


كل يوم احد تقع فيه المواجهة بين البارسا و الريال يكون يوما ليس كباقي الايام. الزائر الاجنبي للمدن الاسبانية يقف مذهولا لفراغ الشوارع الرئيسية و اكتظاظ الناس في المقاهي و بيوتهم...ماذا يقع؟ اسبانيا في حظر تجول؟ نعم انه حظر تجول كروي فرضه الجنون الكروي. الكلاسيكو بالنسبة للاسبان مناسبة دينية تجتمع فيها كل الاسرة و كل الاصدقاء لاظهار عشقهم و عبوديتهم للكرة.

خلال ساعات قليلة يبدو و كان مصير دولة معلق بلقاء كرة قدم. بعيدا عن نتيجة اللقاء, الكلاسكو وهو الحدث الكروي الاكثر متابعة في العالم بعد نهائي الكاس العالمية حسب مؤسسات الاحصاء التلفزي في العالم, يعطي للمجتمع الاسباني لحظة وحدة و فخر ترمز الى الحيوية النجاح الاقتصادي المذهل لاسبانيا خلال سنوات قليلة, نجاح لطالما تاخر عن بقية دول اوروبا بسبب الحرب الاهلية اللتي دامت 30 عاما بقيادة فرانكو.

اضافة الى النجاح الاقتصادي, ما يميز هذه المباراة هو خصوصا بعدها الرمزي الكبير. الصحافة و اللاعبين و الجمهور يسخنون المواجهة بتذكير العالم باختلافاتهم الجذرية و الابدية ففريق الريال يستحضر عالمية مؤسساته, ناد النجا حات, ناد البرستيج(الفخامة), ناد النجوم الاغلى و البارسا يستحضر عمق و اتساع قاعدته المجتمعية فهو الناد الوحيد في العالم اللذي يتجاوز عدد منخرطيه المئة الف(150.000 منخرط) و هوية فريق بدلالات تاريخية كبيرة وبكرة قدم هجومية و جماعية بتاثير من الكرة الهولنديةالشاملة. هذه حقائق, الصحافة تزيد الطين بلة باخراج اشياء اخرى فالريال هو ناد كل الاسبان, ناد الحكومة, ناد اليمين (ازنار) و اليمين المتطرف (فرانكو) و برشلننة هو ناد كل الكاتالان,ناد زاباتيرو و ناد كل المتعاطفين مع الحكم الذاتي(الباسك, غاليسيا..) و ناد الكرة الجميلة بالنسبة لبقية العالم...نخلص بقول ما يفهمه جميع مراقبي الليغا , اهمية لقاء البارسا و الريال تاتي من اهمية الاختلافات اللتي ا تزال تمزق الاسبان, اختلافا تجذرية يعبر عنها رمزيا ثقافة هذين الناديين.

كرة القدم في عهد فرانكو

اكبر تناقض اسباني هو في انتعاش الكرة في عهد فرانكو حين كانت كل الدولة تنهار. لا احد ينكر ان شعبية الكرة ابتدات في العشرينات الا انه كان على الفرق الاسبانية انتظار سنوات الخمسينات لتعرف بنفسها على الساحة الاوروبية. قبل ذلك النظام الفرنكيسي (نسبة لفرانكو) لم يهتم كثيرا بالكرة فهي كانت بالنسبة له رياضة ذات جذور اجنبية عكس ال"كورريدا" الاسبانية القحة.

سنة 1950 و مع انتهاء الحرب الاهلية و خروج اسبانيا مدمرة, بحث نظام فرانكو عن وسيلة لاعطاء حيوية و نشاط للشعب و كانت الوسيلة انذاك هي الكرة و نادي ريال مدريد خصوصا حيث اشترى النادي بمال النظام لاعبين بمستوى عال حيث نظم لهم معسكرات خارجية و وفرت لهم الظروف..لم يخطا النظام في رهانه لجعل الريال حصانة طروادة اللذي سيعيد اسبانيا المدمرة لواجهة العالم حيث تمكن النادي من الفوز بخمسة كؤوس ابطال الدروي(الشامبيونز ليغ حليا) في هذه السنوات تحديدا...في المقابل, كان نادي برشلونة يجاهد لاعادة فتح ملعبه(el corts)اللذي اغلقه فرانكو , لم يكن باستطاعة النادي فعل شيء لان فرانكو كان يفرض على كل الاندية رؤساء حسب المقاس يطبقون سياساته(هنا اذكر بحادثة 11-1 و اللتي انتهى شوطها الاول بتقدم برشلوني قبل ان تنتهي تحت الظغوط و زيارة غير ودية للبوليس لمستودع الحكام و البارشا بفوز مدريدي كاسح و بعد اللقاء مباشرة قدم رئيس برشلونة, صديق فرانكو و هو اللذي عينه, استقالته نتيجة عدم تحمله للظلم) اضافة الى مسلسل خطف و قتل اللاعبين و الرؤساء الكاتالان. ي حين كان الريال يحلق كانت الفرق الاخرى تعاني من البطش فالمكلف بالكرة كان هو الجنرال Moscardo جزار معركة'Alcazar اكثر المعارك دموية خلال الحرب الاهلية(وقعت في بلاد الباسك) و هذا..نجاحات الريال ارادها فرانكو صورة لاسبانيا القوية بعد الحرب .هذه الصورة هي ما يريد تكريسها النادي حاليا بجعله di stephano رئيسا فخريا للريال الى الان كرمز لهذه الفترة اللتي كان فييها اريال اللاعب الوحيد في الساحة الاوروبية و لهذا نجد اليمين الاسباني مساندا للريال لان اب هذا اليمين هو فرانكو.

شهادات على البعد الكبير لكرة القدم

اذن, في الوقت اللذي اصبح فيه الريال ايقونة للنظام, بدا نادي برشلونة في الستينات بالا ستفادة من صحوة الاحساس القومي الكاتالاني ضد الوصاية المفروضة عليه. البارسا بدا يمثل مع بداية الستينات شيئين متناقضين فهو كان وسيلة رائعة للكتالان للحفاظ و ترسيخ هويتهم و كان على عس ذلك شيئا للمحو من الوجود بالنسبة لفرانكو و اتباعه.اصبح اللون البلاوغرانا شعرا بديلا وقتيا الوان الاستقلال(الاصفرو الاحمر)..انخراط الناس المتزايد في النادي شكل نقطة التقاء للكاتالان لم يستطع النظام ازائها فعل اي شيء.بعد ذلك سيبدا النادي الكاتالاني في النمو خصوصا مع مجيء المعجزة كرويف لياخذ البارسا ابعادا عالمية حققها الاصرار و الهوية, ابعاد لم يكن ليحلم بها الكتالان يوما.

بعيدا عن كل الخطابات السياسوية, هذه المباراة اصبحت رمزا لبريق كرة القدم في العالم. العوامل السياسية, البعد الوطني, ابلعد الاقتصادي و البعد الرمزي لها سيسا هم فقط من الان فصاعدا في جعلها مباراة ليس ككل المبارات.